مهد النور صاحب جديد
عدد المساهمات : 51 العمر : 32 المزاج : تمام تاريخ التسجيل : 09/02/2010
| موضوع: البنت ترتدى الجينز 12/2/2010, 06:26 | |
| البنت ترتدي.. "بلو جينز"!
د. عبد الوهاب المسيري
التحيز، كما جاء في المعاجم، هو الانضمام والموافقة في الرأي. وقضية التحيز في المنهج والمصطلح هي إشكالية مهمة تواجه أي دارس في الشرق والغرب والشمال والجنوب، ولكنها تواجهنا في العالم الثالث بحدة. فنحن ننشأ في بيئة حضارية وثقافية لها نماذجها الحضارية والمعرفية المختلفة النابعة من تراثنا الحضاري ومن واقعنا التاريخي، ولكننا نواجه بنماذج أخرى تحاول أن تفرض نفسها على واقعنا وعلى وجداننا وفكرنا. فمنذ نهاية القرن الثامن عشر، ومع انتشار الإنسان الغربي التدريجي في أرجاء العالم، من خلال التشكيل الاستعماري الغربي، وقيامه بتدويل نماذجه الحضارية والمعرفية الحديثة، بدأ أيضًا ما يسمى "الغزو الثقافي"، وهو محاولة الإنسان الغربي فرض نماذجه هذه على شعوب العالم. وهي نماذج أثبتت نفعها في العالم الغربي في المجالات الاقتصادية والسياسية، ولكنها لها جوانبها المظلمة والمدمرة في مجالات أخرى. وهذه النماذج ليس لها بالضرورة علاقة قوية بواقع شعوب العالم غير الغربي (أي الغالبية العظمى لشعوب الأرض)، وهي لهذا السبب ليست قادرة على التفاعل مع هذا الواقع أو على الإسهام في تفسيره أو تغييره، بل ويؤدي تبنيها أحيانًا إلى تدميره.
إن لكل مجتمع تحيزاته، ولكن ما حدث هو أن كثيرًا من شعوب العالم بدأت تتخلى عن تحيزاتها النابعة من واقعها التاريخي والإنساني والوجودي، وبدأت تتبنى التحيزات الغربية، وبدأت تنظر لنفسها من وجهة نظر الغرب. ولكن في الآونة الأخيرة، بدأ كثير من العلماء العرب يشعرون بأن المناهج التي يتم استخدامها في الوقت الحاضر في العلوم العربية الإنسانية ليست محايدة تمامًا، بل ويرون أنها تعبر عن مجموعة من التحيزات الكامنة المستترة في النماذج المعرفية والوسائل والمناهج البحثية التي توجه الباحث دون أن يشعر بها. هذه التحيزات هي التي تحدد مجال الرؤية ومسار البحث، بل وتقرر كثيرًا من النتائج.
هذه محاولة أولية لطرح قضية منهجية وفكرية في غاية الأهمية (في تصوري وتصور الكثيرين). ونرجو من الله أن تنجح هذه الدراسة في أن تكون نواة لدراسات أخرى يقوم بها آخرون تعمق من رؤيتنا وتطرح المزيد من البدائل | |
|