ان حدث نجاة موسى عليه السلام و بني اسرائيل من فرعون وهامان و جنودهما لم يكن حدثا تاريخيا عاديا بل كان سنة من سنن الله في كونه ,التى ينصر الله فيها من ينصره ,في أى مكان و أى زمان مهما كان ضعيفا فهى سنة الله ولاتبديل لسنته
قال تعالى(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا) الاسراء(77)
(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) الفتح(23)
دور صلاح البيت في تحقيق نصر الله
من سماتِ البيت الصالح أنه يرُدُ كل أمر إلى الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم مهما كان صغيراً ، وكلُ مَن فيه يرضى ويسلِّم بحكم الله و كأن لسان حاله يقول نعم يا رب حاضر يا رب فكل فرد من أفراده نصر الله في نفسه أولا ثم في حركته مع أفراد أسرته فكان نصر الله المتحرك على الأرض في صورة جماعة صغيرة ثم ما يلبث أن يحول الأرض الى جماعة كبيرة سائرة الى الله فتتناغم حركة البشر مع حركة الكون في الطاعة و الاستسلام لله لتستحق ان تنال مكافأة الله بالنصر و التثبيت.
قال تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7)، فهذا وعد من الله الذي لا يخلف وعده
قال الله تعالى: (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ) (التوبة: من الآية111)
*بيوت صالحة في حياة موسى عليه السلام*
1- بيت الأسرة
-الأم
درس في الطاعة والصبر واليقين
إن طريق الدعوة إلى الله شاق محفوف بالمكاره والأذى . لكن من صبر ظفر .. ومن أطاع و ثبت انتصر .. و لله الأمر من قبل و من بعد
قال تعالى :
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُواًّ وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ (القصص:7 ـ9).
- درس في الثبات:
فمهما اشتدت الكروب ومهما كثرت الخطوب تبقى رحمة الله و معيته لأوليائه خير معين على الكروب فيذهب الكرب و يبقى الأجر رحمة و فضل من الله.
(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)القصص (10)
- درس في الأخذ بالأسباب:
قال العلماء" الأخذ بالأسباب فريضة و التوكل عليها شرك" بذلك يكون واجب على المؤمن الأخذ بالأسباب و كأنها كل شئ ثم يتوكل على الله و كأنه لم يفعل شئ
قال تعالى
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص: 11].
-الأخت
- درس في الحب
حب الأخ و حب الأم هذا الحب هو الذى دفع أخت موسى عليه السلام الى تتبع أخبار أخيها رغم ما يمكن أن تواجه من مصاعب بل ذهبت الى ما هو أبعد من مجرد نقل الاخبار الى أمها فكانت سببا في عودة موسى عليه السلام الى الأم الملهوفة
.( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ* فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَى تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص: 12-13].)
-الأخ
-درس في التعاون على البر و التقوى
وقد بعثه الله رسولاً مع موسى ووزيراً له في رسالته ومعيناً له في دعوته، قال تعالى في شأنهما: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} [يونس: 75-76]
-درس في المؤازرة :
وكان فرعون شديد البطش والظلم ببني إسرائيل فتوجه هارون وموسى-عليهما الصلاة والسلام-إلى ربهما يدعوانه بأن ينقذهما من طغيان فرعون. فقال لهما الله تعالى مطمئنًا ومثبتًا: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) [طه: 46-48].
* من مظاهر صلاح بيت الأسرة:
1-الطاعة الكاملة لله و اليقين في وعده
2-بر الابناء بالآباء
3- التعاون على البر و التقوى بين أفراد الأسرة
4- الثبات على أمر الله مهما كانت المخاطر
5- الحب والتعاطف بين أفراد الأسرة
6- الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله
7- مؤازرة أفراد الاسرة بعضهم بعضا في الأبتلاءت
2- بيت الصهر
-العروس
كانت زوجة موسى عليه السلام نموذجاً للمؤمنة ، ذات الفراسة والحياء ، وكانت قدوة في الإهتمام بإختيار الزوج الأمين العفيف
-درس في الحياء
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}القصص 25
-درس في الفراسة
يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قال لامرأته: (أَكْرِمِى مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) [القصص: 26]، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب
(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِين)[القصص: 26].
-الأب
-درس في الحكمة
و ذلك بعرض ابنته للزواج من الرجل الصالح بغض النظر عن إمكانياته المادية و المشاكل العارضة في حياته
(إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص :-28].
- درس في الاحتواء
الانصات لمشكلة موسى عليه السلام و تأمين روعه من القلق و الخوف
قال تعالى
..فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )القصص﴿۲۵﴾
* من مظاهر صلاح بيت العروس
1- مساعدة الأبناء للآباء في تحمل مسؤلية البيت
2- حياء البنات
3- الفراسة- وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله "
4- حكمة الأب و أهتمامه بخلق من يتزوج ابنته لا بما يملك
5- احتواء الملهوف و تأمين روعه
3-أسر صالحة في رحلة موسى التعليمية مع العبد الصالح
- درس تعليمي للآباء في كل زمان و مكان
عنوانه "صلاح الآباء يبقى للأبناء"
الأبوة الصالحة تعود بالخير على البنوة الصالحة ، فهذا الأب الصالح استحق أن يطمئن على ولديه اليتيمين ، وأنهما سيأخذان الكنز الذي خبأه لهما تحت الجدار ، وحيث إن الجدار كان على وشك الوقوع جاء هذا العبد الصالح ، وبنى هذا الجدار بلا مقابل .
قال تعالى:
﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾
- درس تعليمي لكل أسرة مبتلاه في فلذة كبدها عنوانه "المنحة في محنة الأسرة المؤمنة"
كان هناك غلام أبواه متعلقين به تعلقاً شديداً ، وكانا مؤمنين ، فإذا كبر هذا الغلام وصار كافراً ، وتعلق الأب والأم بابنهما الكافر فربما يهلكهما مع هلاكه و لا يرضى الله لعباده الكفر .
قال تعالى
﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً﴾
] وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [ .
***
و لرُبَّ نازلةٍ يضيق لها الفتى ذرعاً وعند اللهِ منها المخرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت و كنت أظنها لا تفرجُ
بعض الخطوات العملية نحو صلاح البيت المسلم
1- الأخذ بالأسباب في كل أمر ثم التوكل على الله
2- الصبر على الابتلاء (فإن مع العسر يسرا)
3- نصرة الله في أنفسنا- آباء و أمهات- بأن نفعل ما أمرنا الله به و ننتهي عن ما نهانا عنه- اولا ثم في اسرنا ثم في مجتمعنا لكى نستحق نصر الله لنا
4- تربية أولادنا على الحب و المشاركة في أفراح و أزمات البيت كل على حسب قدرته
5- تثبيت بعضهم بعضا في الشدائد و المحن التي يمكن أن تذهب بالعقيدة
6- التربية على طاعة الله من خلال القدوة الصالحة
7- تربية البنات على ان اهم الصفات الواجب توافرها في الزوج الامانة و قوة تحمل المسؤلية
8- تربية الأبناء على إن أهم صفات الزوجة الصالحة الحياء و العقل
من قوانيين صلاح الذرية
1- صلاح الآباء
2- بر الآباء بالأبناء
3- بر الآباء بآبائهم
4- الانفاق على الأبناء من مال حلال
5- الدعاء للأبناء بالصلاح
6- التوكل على الله واولا و اخيرا و الاعتقاد الجازم أن التوفيق في كل أمر من الله و أن الأخذ بالاسباب لا يكفي لتحقيق الأهداف ما لم ينعم الله على عباده بالتوفيق
وأخيرا....
يجب علينا و نحن نقرأ في سيرة انبياء الله الكرام و نتأثر بهاأن نتذكر أن التأثر ليس هو الهدف و ان كان مطلوبا لكن لا يكون التأثر هو نهاية الأمر بل هو القوة الدافعة لبداية الحركة و السير على نهجهم رغبة في رضا الله و طلبا لحبه
قال تعالى:
(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )يوسف 111
قال تعالى) : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)يوسف ( 108 ) )